لماذا تفشل العلاقات العاطفية؟
إذا بحثنا جيداً في عقولنا فإن الإجابة ستتوضح لدى الكثيرين، سواءً كنت تدركها أم لا فإن العديدين منا يخافون حقاً من تجربة الحب.
وبما أن مخاوفنا تُظهر نفسها بطرقٍ عديدة، وتَظهر في مراحل مختلفة أثناء العلاقة، لذلك نحن نبني أسواراً دفاعية نظنُّ أنها نوعاً ما سوف تحمينا من الأذى. هذه الدفاعات قد تضعنا في وهم كاذب عن الأمان وطمأنينة النفس، وتمنعنا فقط عن القرب من الآخر بالشكل الذي نرغب به.
إذن ما الذي وبالتفصيل يحرّك مخاوفنا من التعمق في علاقاتنا؟! وما الذي يمنعنا عن إيجاد الحب وإبقائه بالطريقة التي نقول أننا سنحب فيها؟!
أن نحب شخصاً بصدق يجعلنا نحس بأننا قابلون للجرح والكسر:
إن العلاقة العاطفية الجديدة هي دولة غير مكتشفة ومعظمنا لديه تلك المخاوف الطبيعية من المجهول، وترك أنفسنا لنقع في الحب يعني أننا نقوم بمخاطرة حقيقية. نحن بذلك نضع كمية هائلة من الثقة في الشخص الآخر ونسمح له بالتأثير علينا، مما يجعلنا نحس أننا مكشوفون أمامهم وعرضة للانكسار.
إن دفاعنا الداخلي يتم تحديه، وإن أياً من العادات التي كنا نمارسها لمدة طويلة والتي كانت تشعرنا بالتركيز على حالنا أو بأننا نمتلك زمام أنفسنا تبدأ بالانهيار على جانب الطريق، نحن نميل للاعتقاد أنه كلما ازداد اهتمامنا بالشخص الآخر كلما ازدادت احتمالية التعرض للأذى.
الحب الجديد ينبش أوجاع الماضي:
عندما ندخل علاقة عاطفية جديدة فإننا نادراً ما نكون واعين تماماً كيف تم التأثير علينا من ماضينا، وإن الطريقة التي تمت أذيتنا بها في علاقاتنا السابقة _بدءاً من سن الطفولة_ تمتلك تأثيراً قوياً على كيفية اختيار الأشخاص الذين نريد أن يصبحوا قريبين منا كما تمتلك نفس التأثير على كيفية تصرفنا في العلاقات العاطفية.
إن الحوادث القديمة السلبية قد تجعلنا نخشى من البوح عن أنفسنا لشخص جديد، ولربما نبتعد كثيراً عن ذلك لأن هذا الأمر سيخرج مشاعرنا القديمة من الألم والخسارة…الغضب أو الرفض.
عندما تحن لشيء ما مثل الحب فإنه يصبح مرتبطاً بالألم، الألم الذي أحسست به بسبب عدم الحصول عليه في الماضي.
الحب يتحدى شخصيتنا القديمة:
العديدون منا يعانون من مشاعر خفية أو من كونهم غير محبوبين، لدينا مشكلة بالإحساس بقيمتنا الذاتية وتصديق أنه من الممكن لشخص ما أن يكون مهتماً بنا بشكل جدي، جميعنا لدينا “صوت ناقد ذاتي” والذي يتصرف كمدرب لئيم يقبع داخل أدمغتنا ويبقى مصراً على إخبارنا أننا بدون قيمة أو لا نستحق السعادة. هذا المدرب تم تشكيله من تجارب الطفولة المؤلمة ومواقفها الحرجة التي تعرضنا لها في بداية حياتنا.
وقد تكون هذه الأفكار ضارة لأنها ومع الوقت تصبح راسخة فينا، ونحن كبالغين قد نفشل في إدراك ضررها بل وعلى العكس نقبل وجهة نظرها المدمرة وكأنها وجهة نظرنا.
هذه الأفكار الانتقادية أو “الأصوات الداخلية” بالرغم من أنها غالباً ما تكون ضارة وغير سارة لكنها في الوقت ذاته مريحة لكوننا اعتدنا عليها. وعندما يرانا شخص آخر بشكل مختلف عن هذه الأصوات ويحبنا ويقوم بتقديرنا، فإننا قد نشعر حقيقة بعدم الارتياح ونأخذ موقفاً دفاعياً، لأنه بذلك يتحدى تعريفنا الراسخ منذ القدم عن ذاتنا.
مع السعادة الحقيقية يأتي الألم الحقيقي:
في أي وقت نمر بتجربة حقيقية للسعادة أو نشعر بأهمية الحياة على مستوى عاطفي، فإننا نتوقع أن نشعر بكمية كبيرة من الحزن، فكثيراً ما نعرض عن الأشياء التي قد تجعلنا أكثر سعادة لأنها لاحقاً ستسبب لنا الألم.
العكس صحيح أيضاً، لا يمكننا اختيار تخدير أنفسنا تجاه مشاعر الحزن دون أن نخدر أنفسنا تجاه مشاعر السعادة.
عندما يتعلق الموضوع بالوقوع في الحب فإننا لربما نصبح مترددين بالدخول بكليتنا فيه بسبب الخوف من الحزن الذي قد ينجم عنه لاحقاً.
الحب غالباً غير عادل:
العديد من الناس يظهرون تردداً من الدخول في علاقة مع شخص ما لأن هذا الشخص “يحبهم بشدة”، يخافون من أنهم إذا ارتبطوا به فإن مشاعرهم تجاهه لن تتطور أو تظهر بالشكل المناسب وبالتالي سوف ينتهي به المطاف مجروحاً أو متعرضاً للرفض.
الحقيقة أن الحب غالباً غير متوازن، بوجود شخص يشعر أكثر من الآخر من وقت لآخر. إن مشاعرنا تجاه شخص ما هو قوة متغيرة بشكل لا نهائي، فبغضون لحظات نستطيع الشعور بالغضب، الغيظ أو حتى الكره للشخص الذي نحب.
إن القلق حول ما سنشعر به يمنعنا من معرفة أين ستذهب إحساساتنا بشكل طبيعي، لذلك من الأفضل أن نكون منفتحين حول كيفية تطور مشاعرنا مع الوقت، لأن السماح للقلق والشعور بالذنب حول ما يمكن أو ما لا يمكن أن نحس به، يمنعنا من معرفة الشخص الذي يعبر عن اهتمامه بنا وربما يمنعنا من دخول علاقة قد تجعلنا مسرورين بحق.
العلاقات العاطفية قد تخرّب علاقتك مع عائلتك:
العلاقات العاطفية يمكن أن تكون الإشارة الأكبر على التقدم في السن، فإنها تمثل بدء حياتنا الشخصية كأفراد مستقلين معتمدين على ذواتهم، ومثل هذا التطور قد يظهر ابتعاداً عن عائلاتنا، وهذا الانفصال ليس جسدياً ولكنه أشبه بترك عادة قديمة، وإنه لا يعني ترك عائلتك حرفياً بل يعني إطلاق العنان لنفسك على المستوى العاطفي وعدم الإحساس وكأنك ما زلت طفلاً.
الحب يخرج مشاعرنا الوجودية:
كلما كان لدينا المزيد كل ما كان لدينا شيء لنخسره، وكل ما كان عنى لنا شخص زيادة، سنصبح خائفين أكثر من خسارته.
عندما نقع في الحب فإننا لا نواجه مخاوف خسارة الشخص الذي نحبه فحسب بل ونصبح واعين أكثر لحياتنا، حياتنا الآن تحمل قيمة ومعنى أكبر، لذلك فإن الخوف من الخسارة يجعلنا أكثر هلعاً.
في محاولة منا لإخفاء هذا الخوف العميق قد نركز على مواضيع أكثر سطحية، قد نلجأ لافتعال مشكلة مع الشخص الآخر وفي حالات شديدة قد نترك العلاقة نهائياً.
نادراً ما نكون واعين لكيفية التفكير بهذه المشاعر ومواجهتها، لربما قد نحاول إعطاء أنفسنا مليون سبب لكي لا ندخل علاقة عاطفية، وعلى كل حال قد يكون لهذه الأسباب حلولها الخاصة.
العديد من العلاقات تجلب معها العديد من التحديات، وإن إدراك مخاوفنا من التعمق في علاقة وكيف يمكن لها أن تؤثر على سلوكنا هو خطوة هامة للحصول على علاقة عاطفية مرضية وطويلة المدى.
هذه المخاوف يمكن أن نغلفها بالعديد من المبررات والحجج التي تفسر سبب عدم نجاح العلاقة، وفي المقابل يمكن أن تصيبنا الدهشة من كثرة الطرق التي ندمر بها أنفسنا عند الاقتراب من شخص ما.
بمعرفة أنفسنا جيداً فإننا نعطينا أفضل فرصة لإيجاد حب حقيقي مستمر والحفاظ عليه.