الانتخاب الثقافي والانتخاب الطبيعي
يفعل بنا الانتخاب الثقافي ما لم يفعل الانتخاب الطبيعي، فالعقل الجمعي أقوى شأنا من أية طفرات بيولوجية .. إنه في الحقيقة ما يجعلنا نكرر إنتاج نفس الأصناف البشرية ..
أن تنتمي يعني أن تسلم عقلك لعقل جمعي .. أن تنصاع للثقافة وفق ما يمليه النظام ..
لكن : لن تستطيع أبدا ألا تنتمي .. أنت ضمن المصفوفة شئت أم أبيت ..
فكل الخيارات المتاحة من داخل الجماعة هي جزء من الثقافة .. سوء كنت من مسلمًا بها أو متمردًا..
إن للثقافة سلطة استبداد ، إنها لعصابة حول أعيننا لا ترينا إلا ما أرادت هي أن ترينا.. هي من تجعك تستحيل قردا أو حمارًا أو بشرا أو شيء آخر لكنها لن تصنع منك أبدا انسانا..
كل دعوات التحرر من داخل النظام لن توصلك للتنوير المنشود .. هي معارك من النفس على النفس ليس إلا..
إن قدر لقطار التنوير أن يعرج على محطة الثقافة و فإنه من اللازم مغادرتها إلى الفضاء الشاسع من اللاعقل و اللاثقافة و إلى الثقوب السوداء من الفراغ و الأكوان القاصية و الفسيحة من الجهل و الحرية و التحرر و الذكاء اللامحدود إلى رياض التسليم و السلام ..
حينها ينتصر الطبيعي على الثقافي .. و تصبح أنت أنت ..
إلى ذالك الحاجز الوهن في سدرة المنتهى الذي يخفي أديم الحق..